أين اختفيت أيها الفنان العملاق؟!
د. ضيف الله مهدي
الفنان محمد عمر ، المبدع الرائع صاحب الصوت العذب الجيزاني الأصيل .. اختفى !!
أين هو يا عالم ؟! .. أين هو الذي نوى المرواح مصحوب السلامة .. بعد ما ولع القلب بغرامة ؟! أين هو الذين عشق حرف العين من يد الحروف ؟! أين هو صاحب وشم على ساعدي .. نقش على بدني وفي الفؤادي وفي العينين يا وطني ؟!
أن هو الذي غنى طبع المحبين السماح والعفو عند المقدرة ؟!. أين هو الذي اشتكى من حظه فغنى : حظي العاثر رمى بي وانتهيت .. مع حبيب في وصاله لي حياة ؟! أين هو الذي احتار في جمال حبيبتيه فغنى :
كلكم حلوين والنظرة بريّة
يشهد الله ما نوى قلبي خطيّة
كلكم حلوين ومن فيكم أناظر
القمر وإلا العيون المستحيّة ؟!
أين اختفى من غنينا معه ورددنا :
يا راية العز .. بالعز خفاقة
حنا الجماهير .. للفوز مشتاقة
أين وأين وأين ؟؟؟!
محمد عمر لم يعد يظهر كما بدأ منطلقا بسرعة الضوء ..
ما الأسباب التي أخفته وأبعدته ؟؟!
عرفته من صغري في إذاعة الرياض وصوته العذب يتردد بأغانيه الجميلة .. وعرفته مرة
حيث كانت الأجواء جميلة جدا في أبها صيف عام ١٤٠٣هـ . كما هي جميلة في معظم أيام العام!! .. حيث درست بعض الساعات في الفصل الدراسي الصيفي الذي أقيم لأول مرة في كلية التربية - فرع جامعة الملك سعود في أبها. وفي هذا الصيف أقيمت دورة رياضة على ستاد مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز بالمحالة وللأسف لم أحضر أي مباراة لأن وقت المباراة يتعارض مع وقت محاضرات موادي التي أدرسها. ولكن في إحدى الليالي وبعد صلاة العشاء كنت وبعض الزملاء في مقهى بحارة لبنان في أبها نشرب شاي فوصلنا خبر عن سهرة فنية غنائية ستقام على مسرح نادي الوديعة في أبها يحييها الفنان محمد عمر وفنانين آخرين .. قررنا الذهاب لحضور الحفل والسهرة فقد كان الدخول للجميع ..
أقيمت السهرة الفنية على مسرح النادي وأحياها كل من الفنان أكتب عنه الآن محمد عمر والفنان علي عبد الكريم والموسيقار الراحل طارق عبد الحكيم يرحمه الله وفرقة أبو هلال الينبعاوية وفرقة المنطقة الشرقية .. بدأت السهرة بفرقة الأحساء أو المنطقة الشرقية وكانت فقرات رائعة جدا .. ثم الطرب الينبعاوي الذي أهواه أنا من صغري ..
عمي يا جمال قم شد لي حمولي
على طريق نعمان يا ويل حالي
بعد ذلك غنى الفنان صاحب الصوت العذب محمد عمر :
في الربيع ..
رد قلبي في مكانة
طارحه عندك أمانة
ما بغيته يضيع
يا زهرة في الربيع
وأظن أنه غنى بعدها :
نوى المرواح مصحوب السلامة
بعد ما ولع القلب بغرامه
وغنى الفنان علي عبد الكريم :
هلا هلا باللي لفانا وجانا
هلا هلا يا فرحنا يا هنانا
وكان الوقت قد تعدى الواحدة بعد منتصف الليل ، فهممنا بالخروج والعودة للسكن
فغنى أغنية :
تو الليل يا ساري
ترى عمر الهنا فرحة
فعدنا وجلسنا على مقاعدنا ، وللأغنية ذي ذكريات خاصة .
ثم غنى العملاق الفنان طارق عبد الحكيم يرحمه الله :
يا ريم وادي ثقيف
لطيف جسمك لطيف
وغنى لنا الله يا خالي
من الشوق من الشوق
ونا الملع على نار
وكانت فرقته كبيرة وعدد من الشباب يرددون خلفه فاهتز المكان وأبها كلها ، وتفاعلنا مع الأغنية وطربنا ورقصنا .. وبنهاية أغنية لنا الله انتهت السهرة الغنائية الجميلة.
سعدت بالفنان محمد عمر مرة عام ١٤١٤هـ ، فقد كنا سويا مسافرين على رحلة الخطوط السعودية من جيزان لجدة ومجموعة من الفنانين معه ومنهم فنان العرب محمد عبده وعبده مزيد وغيرهم ورغم مواجهتي لمحمد عمر وجها لوجه لكن لم أسلم وأتحدث معه بسبب الوقت وكنت رايح على مكة المكرمة فقد كنت أدرس دبلوما التوجية والإرشاد بجامعة أم القرى ، فلا وقت عندي للوقوف والحديث والتحايا .
وسعدت به مرة ثالثة عندما كنت أنا وهو في منتدى الثقافة والفنون الذي أنشأه الفنان أحمد يوسف البقمي ومعنا كثير من الفنانين والأدباء والشعراء والفنانات والشاعرات والأديبات والطبيبات وغيرهم .. وقد طلب مني صاحب المنتدى الفنان الدكتور أحمد يوسف تقديم دورة أون لاين بعنوان لأعضاء وعضوات المنتدى وقد قدمتها بعنوان : الاتصال والتواصل ، وكان الفنان محمد عمر من ضمن الحاضرين ليليا في الدورة ومن المناقشين الذين أثروا اللقاء وحضر الدورة فنانين وفنانات سعوديين وعرب كثير وناس أعلى مني علما مثل الدكتورة سحر رجب يرحمها والدكتورة سلوى الهزاع عضو مجلس الشورى قديما وفنانة كانت ترمز لاسمها بقطر الندى وهي حفيدة الفنانة ابتسام لطفي كما أخبرني الفنان الدكتور أحمد يوسف وكذلك حضر الفنان الدكتور عبد الرب إدريس كما أخبرني أيضا الفنان أحمد يوسف وكثير نسيتهم .
المهم الفنان محمد عمر كان حاضرا ومشاركا في السهرة الفنية الطربية التي قدمت لمدة ثلاث ليال في ليالي عيد الفطر هو ومجموعة فنانين سعودين وقدم السهرة المذيع جاسم العثمان والفنان بكر الشدي يرحمه الله عام ١٤٠٦هـ وعرضها التلفزيون السعودي ومن الأغاني التي غناها محمد عمر : ناحت الورق عندي وأغنية وكانت عينها .. محمد عمر فنان لن يتكرر وصوتا عذبا لن يتكرر وشخصا مثقفا وأديبا ومتواضعا ، أسأل الله الصحة والعافية ، والعمر المديد المقرون بالعمل الصالح